قال بعض العلماء كما في بعض كتب التفاسير : أنا أخاف النساء أكثر مما أخاف الشيطان لأنه تعالى يقول : { إن كيد الشيطان كان ضعيفاً }، وقال للنساء : { إن كيدكن عظيم } اهـ .
وهذا مفهوم خاطئ؛ لأن الله لَمَّا وصف كيد الشيطان بأنه ضعيف أي: بالنسبة إلى ما يريد الله تعالى إمضاءه وتنفيذه .
ولما وصف كيد المرأة بأنه عظيم أي: بالنسبة لكيد يوسف - عليه السلام - فلا وجه للمقارنة بين كيد النساء وكيد الشيطان .
قال النيسابوري في تفسيره :
قال بعض العلماء : أنا أخاف النساء أكثر مما أخاف الشيطان لأنه تعالى يقول : { إن كيد الشيطان كان ضعيفاً } ، وقال للنساء : { إن كيدكن عظيم } .
وأقول : لا شك أن القرآن كلام الله إلا أن هذا حكاية قول الشاهد فلا يثبت به ما ادعاه ذلك العالم ولو سلم فالمراد إن كيد الشيطان ضعيف بالنسبة إلى ما يريد الله تعالى إمضاءه وتنفيذه ، وكيد النساء عظيم بالنسبة إلى كيد الرجال فإنهم يغلبنهم ويسلبن عقولهم إذا عرضن أنفسهن عليهم ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : « النساء حبائل الشيطان » اهـ .
وقال محمد رشيد بن علي رضا في تفسير المنار :
وَهَهُنَا يَذْكُرُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) يَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى أَنَّ كَيْدَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ ، وَإِنْ فَرَضْنَا أَنَّ حِكَايَةَ قَوْلِ هَذَا إِقْرَارٌ لَهُ ، فَالْمَقَامُ مُخْتَلِفٌ ، وَإِنَّمَا كَيْدُ النِّسْوَانِ بَعْضُ كَيْدِ
الشَّيْطَانِ اهـ .
و للاسف هناك كلمات تنتشر بين بعض الناس : منها (آخر ما يموت من المرأة لسانها ! والشيطان تلميذ المرأة ... ! وغيره الكثير ) وأذكر أن أحد الشباب يُردد مقولة أخرى : الشيطان بلع كل شيء إلا المرأة وقّفت في حَلْقِهِ !!
لا شك أن المرأة شقيقة الرجل كما ثبت بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإن قيلت تلك المقالات فقائلها لا يخلو من أمرين : إما أن يكون قالها في امرأة معيّنة .
وإما أن يكون قد أطلق اللفظ وعمّم الحُكم . فإن كان الأول فهو وارد ، إذ الآية واضحة في ذلك ، فهي قد وَرَدَتْ في حكاية قصة يوسف مع امرأة العزيز ، وكذب امرأة العزيز على يوسف عليه السلام ، بعد أن راودته عن نفسه وغلّقت الأبواب ...
قال تعالى : ( فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ) فهذا حكاية قول عزيز مصر آنذاك فمن كانت كذلك كان كيدها عظيما غلّقت الأبواب وراود ذلك الشاب وشقّت قميصه وادعت زورا وبهتانا أنه أراد بها سوءاً كما في قصة جريج وخبره في الصحيحين وكيف أن تلك البغي رمَتْه بما هو منه برئ ، فادّعت أنه زنا بها وأنها حملت منه ، حتى أظهر الله براءته .
فمن كانت على مثل ما كانت عليه تلك النسوة فكيدها عظيم وإن كان الثاني فقد ظلم المرأة فليست المرأة تلميذة الشيطان ، ولكنها إحدى حبائله ، خاصة إذا أغواها الشيطان وأغوى بها . فما ترك النبي صلى الله عليه وسلم فتنة أضر على الرجال من النساء .
ومن النساء مَن لا يعرف الشيطان عليهن سبيلا ولا شك أن في النساء صالحات عفيفات غافلات عما يُراد بهن . ولذا قال الإمام النووي في شرح قوله صلى الله عليه وسلم " وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " : والمراد بالمحصنات هنا : العفائف . وبالغافلات : الغافلات عن الفواحش وما قُذِفْنَ به . انتهى كلامه - رحمه الله - .
فالمؤمنات في غفلة عن كل أذى ، وعن كل ما يخدش الحياء . ومن النساء : أمهات المؤمنين والصحابيات والصالحات من بعدهن ومنهن من تتلمذ على أيديهن العلماء الأفذاذ ، بل فيهن من تربى على يديها العلماء ، فلهن الفضل بعد الله على هذه الأمة . واليوم هناك من نساء الأمة الصالحات منهن من تتمنى أن تُقتل شهيدة في سبيل الله ومنهن من تحمل هم الأمة ومنهن من تحمل هم الدعوة ومنهن من هي حريصة على طلب العلم تتمنّى أن تُفني نفسها في طلبه ومنهن ،،، ومنهن ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق